31 - 07 - 2025

ضوء | حرب الإبادة .. ما بين مجزرتين وما بين مدينتين

ضوء | حرب الإبادة .. ما بين مجزرتين وما بين مدينتين

غزة رمز الصمود والعزة،

غزة رمز عارنا وانكسارنا،

الجوع والعطش والقتل المجاني في غزة،

ترى الوجوه شاحبة كالأشباح، والعظام نافرة كالرياح، والموت مترصداً خلف الرماح.

غزة يا جرحنا الأبدي الغائر في الضلوع،

ماذا سيكتب التاريخ عنك وعنا؟

أتذكرون مجزرة اللد في شهر يوليو  ١٩٤٨، وهي من أشهر المجازر وأبشعها في تاريخ النكبة الفلسطينية، وهي أيضاً من أعظم ملاحم المقاومة الفلسطينية، في صمودها الجبار، صمدت اللد بعد أن سقطت كل القرى والمدن التي حولها، وذلك بعد احتلال الكيان الغاصب، لجزء كبير من أرض فلسطين، وقد كتب عن مجزرة اللد الكاتب (إلياس خوري)، في الجزء الثاني من روايته الشهيرة (باب الشمس)، ورسمها الفنان التشكيلي الفلسطيني (إسماعيل شموط)، ابن مدينة اللد، قتل الصهاينة في تلك المجزرة 500 شاباً في جامع دهمش، بعد أن جمعهم في المسجد وأطلق الرصاص عليهم، ثم أغلق باب المسجد على جثامينهم، لأكثر من 20 عاماً! لكي يخفي أثر جريمته، هل تصدقون؟ هذه حقيقة الصهاينة، متوحشون فاشيون.

بعدها أجبر الصهاينة أهل اللد كلهم، ومن احتمى بداخل المدينة، على الرحيل قسراً، تحت تهديد السلاح، بعد سرقة كل ما يملكون، خرجوا حفاة بملابس النوم، وتوجهوا سيراً على الأقدام إلى رام الله، وقد سُميت بمسيرة الموت والعطش، واستشهد في الطريق 350 من شدة العطش والإرهاق، حتى وصلوا إلى مدينة رام الله، ولازال المهجرون الأحياء منهم حتى الآن يعيشون كلاجئين في رام الله.

ويتكرر المشهد بين مدينتين، اللد وغزة، مع فارق بسيط، ففي اللد عرفت الناس كلها عن المجزرة بعد حدوثها، وفي غزة تحدث المذبحة والإبادة على مرأى ومسمع العالم كله، لحظة بلحظة، ومنذ سنة وعشرة أشهر.

أكثر من ٦٠ ألف شهيد وأكثر من ١٥٠ ألف معاق وجريح، أطراف مبتورة وعيون مفقوءة وأجساد محروقة.

القتل الهمجي والتهجير القسري واللجوء السيزيفي منذ ٧٥ عاماً ولا يزال..

وسكان غزة أغلبهم لاجئون جاءوا من مختلف مدن وقرى فلسطين.

صمود أسطوري في اللد وغزة.

لكن ماذا بعد العدوان الصهيوني الهمجي على غزة؟ سيصحو العالم على كارثة أكبر من هيروشيما.

يريد الصهاينة النازيون عمل معسكرات الاعتقال النازية، وترحيل سكان المدينة كلهم، إلى أين؟ إلى أثيوبيا وإندونسيا وليبيا وسوريا ودول أخرى، مفاوضات تجري ليل نهار مع العديد من الدول، لكي تقبل بتهجير من يتبقى من سكان مدينة غزة. والعالم يتفرج!

الوضع الحالي: إبادة جماعية وتصفية للقضية الفلسطينية، وسقوط كل المنظمات الدولية، وكل مواثيق حقوق الإنسان، والعالم يتفرج..

العالم يحكمه المتوحشون، سفاكو الدماء، ويسوده قانون القوة والغاب لا غير.

وكل الحلول المطروحة لليوم التالي في غزة،  تستبعد أي سيادة فلسطينية، وتطرح فرض وصاية على الشعب الفلسطيني، والأسوأ هو محاولة تدمير أية نهضة عربية أو أية سيادة أو قرار عربي، بدأوا بالعراق، ليبيا، السودان، لبنان، اليمن، سوريا، ثم الجزائر ومصر، والدور قادم على جميع الأنظمة العربية، سواء من تخاذل أو من رفع رأسه، كلهم سيان عندهم، وكلهم عبيد في نظرهم، لذلك من الأفضل لكم أيتها الأنظمة الموت ورأسكم مرفوعة، بدل من الموت أذلاء.

إذا انتصرت غزة تنتصر اللد، الذي انتصر اليوم هو الدم المسفوك، وأشلاء الأطفال في غزة، نعم أحدثت الإبادة الجماعية تغيير لصالحنا في الرأي العام العالمي، لكن هل استطاعوا إيقاف المجزرة؟ كيف نوقف النزيف ونرجع الحق إلى أهله؟

إذا تحقق حق العودة، آنذاك نقول انتصرت غزة،

ونسأل متى وكيف تتوقف هذه الإبادة والمجزرة الهمجية؟
------------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
* سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام


مقالات اخرى للكاتب

ضوء | شكرًا للمملكة العربية السعودية